« The Dying of Old Damascus! | Main | Rise up Syrians! »

March 18, 2007

Comments

Karim

عواء ضباع الشام

كان محتماً أنّ أنساق النهب الشمولي، المنفلت من كلّ عقال قانوني أو أخلاقي لأنه يشكّل مظهراً تكوينياً في بنية نظام شمولي استبدادي يعتبر سورية مزرعة للمافيات الحاكمة، سوف تنحطّ إلي هذا الدرك الهمجي: تخريب دمشق العتيقة، وهدم أسواقها العريقة، وطمس مجلدات بأسرها من تاريخها الأيوبي والمملوكي، بغية إقامة منشآت سياحية ومجمّعات تجارية، وتخديمها بكلّ ما يتيح اصطياد السائح وإجباره علي الإنفاق (بين هذه، مثـــــلاً، ترميم مقـــــام السيدة رقية لاجتذاب الحجّاج الإيرانيين!)، دون أي اكتراث بالعواقب العديدة البشرية والتاريخية والآثارية والمعمـــــارية والاقتصادية والثقافية التي ستخلّفها هذه الجرائم الصريحة المعلنة.

وهكذا، لم يعد يشبعهم أنهم ينهبون ـ مثل ضباع شرهة جشعة لا تشبع ـ في قطاع الاتصالات والهاتف الجوّال والأسواق الحرّة وصناعة الإسمنت، وما خفي من أشغال حرام هنا وهناك، فكان لا بدّ لهم أن يخرّبوا لكي يشتغلوا بإعمار ما خرّبوا، مع فارق أنهم يهدمون ما لا يجوز تهديمه، ويمسّون ما ينقلب أيّ مساس به إلي جريمة كبري بحقّ الإنسان والتاريخ في آن معاً. والمدهش أنّ دمشق سوف تكون عاصمة العرب الثقافية في العام المقبل، 2008، وهدية الضباع لها في هذه المناسبة ـ بتواطؤ تامّ من محافظة دمشق ووزارتَيْ الثقافة والسياحة، حيث تؤدّي هذه مواء القطط السمان، اللازم للتغطية علي عواء الضباع الكاسرة ـ تبدو استكمالاً للجزاء الهمجي الذي لاقته المدينة علي يد هولاكو، قبل أكثر من ستة قرون!

وإلي الذين لم تبلغهم تفاصيل هذه الأخبار بعد، هنا مختصرها: المشروع يتضمن هدم عدد من أسواق دمشق القديمة، بينها سوق المناخلية و سوق العمارة ، وإزالة آلاف المحالّ التجارية العتيقة والتقليدية، ونحو ستة آلاف منزل سكني، علي طول 1400 متر محاذية لسور دمشق. هذا، في عبارة أخري، يعني تشويه الشخصية العمرانية، لكي لا نقول محوها نهائياً، للمنطقــــة الموازية لـ شارع الملك فيصل والممتدة بين بحصة سنجقدار و القيمرية ، مروراً من سوق الهال القديم والجامع المعلّق، وصولاً إلي باب السلام و باب توما .

العجيب، أوّلاً، أنّ ذريعة المشروع هي كشف سور دمشق ، كما أخذ محافظ العاصمة يرطن في لقاءاته العاصفة مع المواطنين المتضررين، متناسياً أنّه لا يوجد أصلاً سور وإنما توجد منازل قديمة جداً ومهترئة مسندة بأعمدة خشبية لكي لاتقع علي الأرض، إضافة الي وجود مجري نهر بردي سابقاً الذي تحول مجراه لمياه آسنة ، كما جاء في الشكوي التي رفعها مئات المواطنين. والمشروع، في جانب عجائبي آخر، يستند إلي مخطط وضعه مهندس معماري فرنسي منذ قرابة أربعة عقود، وكان طبيعياً أن لا يعـبأ الرجل بتاريخ دمشق الأيوبية أو المملوكية (هل نتذكّر الجنرال الفرنسي غورو، الذي دخل دمشق غازياً، فقصد قــبر صلاح الدين الأيوبي في الجامع الأموي، ليطلق عبارته الشهيرة: ها قد عدنا يا صلاح الدين !).

العجيبة الثانية أنّ منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) تبدي من القلق علي هذا التراث التاريخي والعمراني، أكثر بكثير من قلق السلطات السورية، ليس السياسية أو الإدارية وحدها، بل السلطات الآثارية أيضاً! ففي رسالة إلي وزير الثقافة السوري، كتب مدير مركز التراث العالمي فرنشيسكو باندارين: إن حماية موقع التراث العالمي في دمشق لا تقتصر علي المدينة الواقعة داخل السور، وإنما تمتد الي مجموع المنطقة المجاورة. وأن يقع مشروع الطريق خارج الأسوار أمر لا يعني أنه يتفادي بالمطلق التأثـــير الهائل علي المدينة القديمة، إذْ يمكن أن يؤثـــــر علي قيمتــها كتراث عالمي .

من جانبها لا تكفّ المديرية العامة للآثار والمتاحف عن التبرّع بالقول إنّ سوق المناخلية لا يرتدي قيمة آثارية تبرّر الدفاع عنه وتحريم هدمه، رغم أنّ السوق ليس جزءاً لا يتجزأ من تراث دمشق المعماري والتاريخي والثقافي فحسب، بل المهني أيضاً، إسوة بعشرات الأسواق الدمشقية القديمة التي اكتسبت أسماءها من اختصاصاتها (سوق البزورية، سوق السكر، سوق الحرير، سوق القماش، سوق القطن، سوق الصابون، سوق الجلالية، سوق الخيل، سوق القباقيبية، سوق الخواصين، سوق الصباغين...). وإذا كان سوق المناخلية ليس من ذلك التراث الثرّ العابق بالتاريخ، فكيف حدث أنّ محافظة دمشق التي تنوي هدمه اليوم، هي ذاتها التي وضعت لافتة في أوّل السوق تقول التالي: المناخلية: نسبة لسوق متخصص في صناعة المناخل وبيعها، ورد ذكره في العهد المملوكي ؟ وهنا لا مناص، بالطبع، من استحضار المفارقة الموازية المحزنة: السيدة نورا وليد جنبلاط تتولي ترميم بيت مجلد ، الذي يعدّ أحد أجمل البيوت الشامية في المدينة القديمة؛ وكذلك تفعل الشيخة حصة الصباح، الكويتية، مع ثلاثة منازل أخري؛ ويختار المعهد الهولندي بيت العقاد القديم مقرّاً له، بعد ترميمه...

ينبغي أن لا يمرّ المشروع، إذاً، ويجب الإنضواء دون إبطاء في صفّ ناشطات وناشطي المجتمع المدني في سورية، الذين يشتغلون ضدّه بهمّة قصوي ويقظة عالية، ويسترعون الانتباه حتي في صحف السلطة الرسمية. ذلك لأنّ ما سيجري جريمة فاحشة ضدّ دمشق الأيوبية والمملوكية، وضدّ تاريخ البلد مباشرة، وهو بالتالي أخطر بكثير من أيّة واقعة سابقة شهدت عواء الضباع الكاسرة إياها، هنا أو هناك في أرجاء سورية الأسيرة المعذّبة!

صبحي حديدي

Kody

The clowns and the circus are going to run Syria for another Seven years! This might well be the last time they run the country, but we waste another seven years

Ammar Abdulhamid

Of course not Kody, we should not waste a single moment building our opposition platforms to the Assads, exactly because we cannot afford to waste another 7 years. But I do understand and share your frustration. We just cannot afford to give in to it.

K

Ammar,

I'm sincerely interested in your take on Joshua Landis. Sometimes he defends the Syrian regime, but he does provide a platform for Syrian Opposition. Would you care to comment on your relationship with him? What's he all about?

The comments to this entry are closed.