استهلال
نظراً للتنوّع الإثني الذي يميّز المنطقة التي يسمّيها كثيرون الشرق الأوسط أو الشرق الأوسط الكبير أو العالم الإسلامي، من بين غيرها من التسميات غير الدقيقة، والتي سنسميها نحن كمنويلث ثروة (وهو بالفعل كيان لا يزال يبحث عن ذاته)، فإنها تنطوي على الكثير من المشاكل الجوهرية التي يمكن أن تضع معظم دولها على شفا التفكّك والانهيار السياسي والاجتماعي في لحظة ما من مستقبل غير بعيد، الأمر الذي سيكون له أصداء وتداعيات في كل أنحاء العالم.
وتشمل هذه المشاكل:
· انفجار سكاني يثقل على موارد معظم الدول.
· إخفاق اقتصادي في الكثير من الدول، نتيجة جملة من العوامل مثل نفاد الموارد القائمة والفساد وسوء الإدارة.
· المشاكل البيئية الناجمة عن التغيّر المناخي والجفاف والرعي الجائر ونقص مصادر مياه الشرب، وفي بعض الحالات، التلوّث الصناعي وما شابه ذلك.
· هجرة الأدمغة، حيث تفضل ألمع العقول الهجرة إلى الغرب أو الشرق الأقصى أو على الأقل إلى الدول الأكثر ازدهاراً في المنطقة.
· انهيار وعدم كفاءة أنظمة التعليم القائمة نتيجة الانفجار السكاني والإهمال المستمر.
· تراجع الخدمات الاجتماعية والحكومية ما يؤدي إلى تزايد حدّة الفقر وتصاعد التوتر بين الجماعات المختلفة وتكريس الهويات الفئوية.
· كبت المجتمعات المدنية وعجزها عن التعويض عن الإهمال وسوء الإدارة والفساد الحكومي وغير ذلك من العيوب.
· غياب بعد النظر والتخطيط من جانب الأنظمة القائمة.
· غياب الاستثمار في مجال البحث والتطوير.
· ازدياد التطرف الديني، وهي ظاهرة ارتبطت غالباً بالإسلام، وإن كانت لا تقتصر عليه بأي حال. ويعدّ التطرف الديني بحدّ ذاته نتيجة وسبب في آن لانعدام الاستقرار في المنطقة والعالم وهو أحد العوامل الأساسية المشكّلة للإرهاب العالمي.
· استمرار التدخّل الخارجي في المنطقة، وهو تدخّل لا يأخذ غالباً مصلحة شعوب المنطقة ومخزونها الفكري بعين الاعتبار، أو يتخذ طابعاً حماسياً مبالغاً فيه يزيد تنفير شعوب المنطقة ويدفعها باتجاه التطرّف.
· تكاثر الصراعات والنقاط الساخنة، كما في فلسطين والعراق وأفغانستان والقوقاز ودارفور والصومال ولبنان وجنوب الفلبين وجنوب تايلاند ..الخ، مع غياب آليات فعّالة لصنع السلام في المنطقة، والاستجابة الضعيفة والبليدة للمجتمع الدولي الذي لا يزال محكوماً بالتركيز الضيق على مصالحة الآنية.
إن المشكلات الآنفة الذكر والتي طال إهمالها تعود ببطء وثبات لكي ترهق شعوب هذه المنطقة. ولن تكون الدول المزدهرة فيها بمنأى عن آثارها السيئة، كما يمكن أن تدفع الدول خارج المنطقة ثمناً باهظاً في هذا الصدد أيضاً عندما تتهدد مصالحها وشيئاً فشيئاً يصبح تدخلها المستمر في المنطقة مفضوحاً وأكثر إشكالية ويتحوّل إلى نوع من الإدمان.
ومع ذلك، ورغم أن التدخّل العالمي في منطقتنا أعاق ومازال قدرتنا على تحقيق أهدافنا السياسية والاجتماعية، فإن إلقاء كامل اللوم فيما يتعلّق بمشاكلنا الحالية على "الخارج" أمر مضلِّل وذو نتائج عكسية، كي لا نقول إنه نوع من النفاق، حيث أننا غالباً لا نتقبّل اللوم على ما فعلناه نحن في الماضي ولا نزال نفعله اليوم سعياً وراء ما نرى أنه مصالحنا القومية. كما لا نميل بالقدر نفسه إلى قبول اللوم على ما نفعله لبعضنا البعض، وهو غالباً ما يكون أشنع مما فعله ويفعله "الخارج" بحقّنا.
وبالفعل، ليس من مسؤولية الآخرين أن يعملوا على تمكيننا، ولا يجب أن ننتظر ذلك منهم، أو أن نتوقع منهم عدم استغلال ضعفنا الحالي لتحقيق مصالحهم. فالدول نادراً ما تنصاع إلى ما تمليه الأخلاق والفضيلة في علاقاتها المتبادلة. كما تستغلّ الشعوب دوماً لحظات الضعف والمشاكل والانقسامات لدى بعضها البعض في صراعها لتلبية حاجاتها، بصرف النظر عن مدى دونية أو أنانية هذه الحاجات، مبرّرة أفعالها بكل أنواع الذرائع والإيديولوجيات. هذه إحدى حقائق الحياة القاسية التي علينا أن نتعامل معها، ولهذا السبب من الأفضل أن نبذل الجهود لتمكين أنفسنا من خلال معالجة مشاكلنا التنموية الأساسية والانكباب على نقاط الضعف في أنظمتنا التعليمية.
مع ذلك، ونظراً للطبيعة الشمولية والفاسدة والخرقاء للأنظمة التي تحكم معظم دولنا، فإن جهود التنمية تتعرّض للإعاقة فعلاً وباتت ترتبط مباشرة بالعمل من أجل تحقيق الديمقراطية. وبسبب تداخل وترابط العالم المعاصر واستمرار تدخّل القوى العالمية في شؤوننا، فإننا نميل إلى تصدير بعض مشاكلنا على الأقل إلى الخارج عبر الهجرة والإرهاب، وعليه فإن الصراع الذي يفرض نفسه على الساحة بالمحصلة هو نضال ثلاثي الأبعاد: نضال من أجل التنمية ونضال من أجل الديمقراطية ونضال من أجل الحصول على حصّة أكبر وأكثر عدالة في عملية اتخاذ القرار الدولي. ولهذا السبب لا يمكن أن يكون نضالنا معزولاً عن العالم، بل يجب في الواقع أن تشارك فيه فعّاليات من خارج المنطقة.
ويجب أن لا تبقى مسألة التحرر والسيادة الوطنية على رأس مهامنا – فهناك مهام أكبر بكثير. ولا يعني هذا أن نكفّ عن النضال من أجل تحرير أراضينا المحتلة؛ كما لا يعني أن علينا أن نتجاهل مختلف النزاعات المشتعلة في المنطقة والتي تغذّيها، جزئياً، الطموحات القومية. فالواقع أننا ببساطة لا نستطيع تجاهل هذه الإشكالات. لكنا المقصود بإعطاء قضية التحرّر الوطني الدرجة الثانية من الأهمية هو التشديد على ضرورة تجنّب عقلية كلّ شيء أو لا شيء في هذه القضايا، بحيث لا نغامر بأن نخرج صفر اليدين، وبحيث نتجنّب ديمومة هذه النزاعات إلى أمد طويل يستنفد مواردنا الوطنية النادرة ويقدّم الذرائع الضرورية للأنظمة الحاكمة كي تؤجّل معالجة مشاكلنا التنموية الجدية وحاجتنا إلى إصلاحات اجتماعية واقتصادية وسياسية جوهرية.
وعلاوة على ذلك، فإن اختيار سبل العمل المناسبة لا يقلّ أهمية في هذا المجال، فسلوك سبيل العنف سيقوّض قدرتنا على بناء مؤسسات وبنى مستقرّة وقابلة للاستمرار وضرورية لتطوير وتحديث مجتمعاتنا.
ويتطلب تدبير هذا الوضع مزيجاً صعب التحقيق ولكنه ضروري من البراغماتية على المدى القصير والمثالية على المدى البعيد. يجب تثقيف شعوب المنطقة وتمكينها من خلال تعريفها بالتدريج على اندفاع ثوري مختلف – اندفاع يقوم على الالتزام الشديد بالقيم الإنسانية والمبادئ الديمقراطية واللاعنف. وسيكون تبنّي هذه الذهنية بمثابة خطوة أولى نحو تعديل أثر الإيديولوجيات المتطرّفة (التي يقوم معظمها على أسس دينية) ونحو ردم هوة الثقة والوعي بين القادة المدنيين للمنطقة وبين المدافعين عن الحقوق والديمقراطية من عامة الشعب.
وعلى هذا الأساس، يجب أن لا تُقدّم فلسفة ثروة على أنها نوع من إيديولوجيا جديدة، حتى ولو ألبست عباءة ليبرالية. بل يجب النظر إليها بصفتها إطاراً للتفكير يتسم بالانفتاح على الآخر والمراجعة المستمرة للأهداف والمواقف، في مسعى دائم لإعادة ترتيب أولوياتنا بالتوافق مع روح البراغماتية، ودون أن نغفل عن مبادئنا ومثلنا وأهدافنا المعلنة. بالفعل، علينا أن نتحدى أنفسنا وشعوبنا أيضاً باستمرار لتغيير السبل والأعراف والقيم السائدة.
علينا أيضاً أن نخوض نضالنا بروح مفعمة بالأمل والحب والنبل. فالكراهية لا تسهّل اندماجنا في نسيج الحضارة المعاصرة، لا بل تجعله أمراً مستحيلاً. ويتطلّب الاندماج إحساساً أعلى بقيمة ما تقدّمه الحضارة المعاصرة من فوائد، والتزاماً أشدّ بدعائمها الأخلاقية، حتى لو كنّا نشعر بأننا وقعنا، في بعض الأحيان، ضحايا للشعوب والسلطات والدول نفسها التي تزعم أنها هي من وضع هذه المبادئ والتزم بها أولاً. والحقيقة، أننا يجب أن نظهر في مثل هذه الأوقات قدراً وافراً من المرونة لكي نبيّن أن التزامنا بهذه المثل قوي وعميق وليس تكتيكياً فقط.
إننا نحتاج، في نضالنا من أجل تمكين أنفسنا، إلى أن نصبح قادة أخلاقيين ذوي تأثير ليس فقط على منطقتنا بل على العالم ككل. هذه هي الطريقة الوحيدة التي نثبت عبرها مصداقيتنا، الطريقة الوحيدة التي يمكن أن نكون فيها فاعلين، الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تقودنا إلى النجاح.
بيان ثروة
نحن نؤمن:
v بأن كمنويلث ثروة هو ملك لكل شعوبه، بصرف النظر عن الخلفيات الإثنية والدينية والحالة الاجتماعية.
v بأن قوة الكمنويلث تكمن في تنوّعنا وفي إيجاد السبل المناسبة لتحسين وتعزيز العلاقات بين المجتمعات المختلفة في ربوعنا، وإيجاد التوافق المناسب بين حاجاتها وتطلّعاتها.
v بسيادة القانون وخضوع الجميع للقانون على قدم المساواة وبالحكم الديمقراطي المسئول الخاضع للمحاسبة.
v بحرية الجميع في التعبير السياسي والفنّي والأدبي.
v بالتنمية والتعليم بصفتهما مدخلان أساسيان للتمكين السياسي والاجتماعي.
v بحق قادة المجتمع المدني في لعب دور فاعل في صياغة مستقبل الكومونويلث.
v بأننا نستحقّ قسطاً أكبر من المشاركة في عملية اتخاذ القرار على المستوى الدولي، وبأن الطريق الأمثل لتحقيق ذلك يكمن في التشديد على التنمية والتعليم.
v بأن مسؤولية تحقيق السلام وحلّ النزاعات في الكومونويلث تقع على كواهلنا في المقام الأول، وبأن دور المجتمع الدولي يمكن في دعم جهودنا ومساعينا في هذا المجال والمساعدة على توجيهها بالتوافق مع القوانين والمعاهدات الدولية القائمة، وليس في فرض الحلول علينا.
v بأنا نمتلك كامل الحق بأن نقاتل من أجل استقلال وتحرير أراضينا المحتلة، وبأن علينا التيقّظ من أن لا تستغلّ الأنظمة الحاكمة وحركات التحرّر التي تدعمها قضايانا الوطنية لكي تبرّر قمعها المستمر، ومن أن لا تشكّل مناهجنا في العمل خطراً على قضية التنمية في بلداننا ومجتمعاتنا.
v بمد يد الصداقة إلى شعوب العالم لكي نمكّن أنفسنا ونضغط على حكوماتنا لكي تتبنّى سياسات أفضل وأكثر تنوراً فيما يخصّ تفاعلنا واندماجنا.
v بالحاجة إلى وبضرورة إنشاء مؤسسات ومنظمات وشبكات إقليمية يمكن أن تساعدنا في التصدّي لمختلف التحدّيات التنموية بالتنسيق مع المنظمات والمؤسسات الدولية ذات الذهنية المشابهة.
الموقعون:
ليس من الضروري أن يكون الموقّع مواطناً أو مقيماً حالياً في كومونويلث ثروة. ونحن نشجع كل من يؤمن ببناء السلام وبناء الجسور بين مختلف الجماعات والثقافات وبتمكين حركات المجتمع المدني في العالم للتوقيع على بيان ثروة ولكي يصبح عضواً فاعلاً في كمنويلث ثروة.
معاً، يمكننا أن نحدث فرقاً
عمار عبد الحميد
مدير مؤسّسة ثروة
Posted by: Ammar Abdulhamid | April 15, 2007 at 01:27 AM
viva syria
Posted by: elias sadkni | April 25, 2007 at 10:07 AM
كيف من الممكن ان نتعاون
في البداية أثمن فكرتكم عالياً
واطمح بأن أكون شريكاً لكم في كفاحكم نحو التنمية والتعليم
لكن كيف من الممكن ان نتواصل
انا اعمل في محطة تلفزيون محلية في مدينة الخليل بالضفة الغربية
وأمد لكم يدي للمشاركة والمساهمة
مع
مجتمع ثروة
ولكم مني التحية والتقدير
محمد العويوي
Posted by: محمد العويوي | February 20, 2008 at 12:40 PM
تحية طيبة
أشكركم وأثمن عملكم المتيز وأتمنى المشاركة معكم ولا أعرف طريقة المساهمة
مع كل احترام وتقدير
موسى أحمد
Posted by: موسى أحمد | March 17, 2008 at 06:49 AM
Dear Tharwa Community:
We have heard about your outstanding community and we believe in the fact that together we can sure make a difference. And we all know the role translators have played in some great moments of history and how through language we can add to your ability to make change. We Trans-localize for translation and localization services are looking forward for a special appreciated collaboration by giving hand to the community through our translation services with reasonable rates as we have an outstanding freelancing team who can really give hand to your message especially between English and Arabic languages.
Kindly visit our site below
http://www.trans-localize.com
Respectfully,
Trans-Localize Management Team
Posted by: TR Shaimaa Riad | June 14, 2008 at 03:53 PM
أفكار من قبيل تلكم المنشورة علي مجتمع ثروة تعطي الأمل في غد أفضل أريد أن أساهم في صنعه، ولا أدري كيف؟؟؟
Posted by: محمد محمود - القاهرة | October 13, 2008 at 09:49 AM